للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٣٨)﴾.

قال أبو جعفرٍ، : يعنى جلّ ثناؤُه بقولِه: ﴿بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ﴾. أَخْبِرِ المنافقين - وقد بَيَّنَّا معنى التبشيرِ فيما مضَى بما أغنَى عن إعادتِه (١) - ﴿بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ يعنى: بأن لهم يومَ القيامةِ مِن اللهِ على نفاقِهم عَذَابًا أَلِيمًا، وهو الموجعُ، وذلك عذابُ جهنمَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (١٣٩)﴾.

أما قولُه جلّ ثناؤُه: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾. فمِن صفةِ المنافقين. يقولُ اللهُ لنبيِّه: يا محمدُ، بَشِّرِ المنافقين الذين يَتَّخِذون أهلَ الكفرِ بى والإلحادِ في ديني ﴿أَوْلِيَاءَ﴾، يعنى: أنصارًا وأخلافًا (٢) ﴿مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، يعنى: مِن غيرِ المؤمنين ﴿أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ﴾. يقولُ: أيطلبون عندَهم المَنَعَة والقوةَ باتخاذِهم إياهم أولياءَ مِن دونِ أهلِ الإيمانِ؟ ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾. يقولُ: فإن الذين اتخذوهم مِن الكافرين أولياءَ ابتغاءَ العزةِ عندَهم هم الأذِلاءُ الأقِلاءُ، فهلا اتَّخَذوا الأولياءَ مِن المؤمنين، فيَلْتَمِسوا العِزَّةَ والمَنَعةَ والنُّصْرةَ مِن عندِ اللَّهِ، الذي له العِزَّةُ والمَنَعَةُ، الذي يُعِزُّ مَن يَشَاءُ، ويُذِلُّ مَن يَشَاءُ، فيُعِزُّهم ويَمْنَعُهم.

وأصلُ العِزَّةِ الشِّدَّةُ. ومنه قيل للأرضِ الصُّلْبة الشديدةِ: عَزَازٌ. وقيل: قد


(١) تقدم في ١/ ٤٠٥ - ٤٠٧.
(٢) في م: "أخلاء".