للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوزُ أن يوصفَ بالكمالِ، وإنما كمالُ المدحِ للقادرِ (١) على فعلِ كلِّ ما يشاءُ فِعْلَه من الأشياءِ المتفقةِ والمختلفةِ.

وقولُه - جلَّ وعزَّ -: ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. يقولُ: لِتَذَكَّروا وتَعتَبروا بذلك، فتَعلَموا، أيها المشرِكون باللَّهِ، أن ربَّكم الذي يستوجبُ عليكم العبادةَ، هو الذي يقدرُ على خلقِ الشيءِ وخلافِه، وابتداعِ زوجين من كلِّ شيءٍ، لا ما لا يقدرُ على ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥٠) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: فاهْربُوا أيُّها الناسُ من عقابِ اللَّهِ إلى رحمتِه بالإيمانِ به، واتِّباعِ أمْرِه، والعملِ بطاعتِه: ﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ﴾. يقولُ: إني لكم من اللَّهِ نذيرٌ (٢) أُنذرُكم عقابَه، وأُخوِّفُكم عذابَه الذي أحَلَّه بهؤلاء الأممِ الذين قصَّ عليكم قَصَصَهم (٣)، والذي هو مُذيقُهم في الآخرةِ.

وقولُه: ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: تَبينُ لكم نذارتُه.

وقولُه: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ولا تجعلوا أيها الناسُ، مع مَعْبودِكم الذي خلقَكم معبودًا آخر سِواه؛ فإنه لا معبودَ تصلحُ له العبادةُ (٤) غيرُه. ﴿إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾. يقولُ: إني لكم أيُّها الناسُ نذيرٌ من عقابِه على عبادتِكم إلهًا غيرَه، مبينٌ (٥) قد أبان لكم النَّذَارةَ.


(١) في الأصل: "فعل القادر".
(٢) بعده في ت ٢: "مبين".
(٣) في ت ٢، ت ٣: "قصصه".
(٤) في ت: "العبودة".
(٥) ليس في: الأصل.