للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولَى القولين في ذلك عندِى بالصوابِ قولُ مَن قال: واجبٌ على سيِّد العبدِ أن يكاتِبَه إذا علِم فيه خيرًا وسأله العبدُ الكتابةَ. وذلك أن ظاهرَ قولِه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ﴾ ظاهرُ أمرٍ، وأمرُ اللهِ فرضٌ الانتهاءُ إليه، ما لم يكنْ دليل من كتابٍ أو سنةٍ على أنه ندبٌ؛ لما قد بيَّنا من العلةِ في كتابِنا المسمَّى "البيانُ عن أصولِ الأحكامِ".

وأمَّا الخيرُ (١) الذي أمَر اللهُ تعالى ذكرُه عبادَه بكتابةِ عبيدِهم إذا علِموه فيهم، فهو القُدْرةُ على الاحترافِ والكسبِ لأداءِ (٢) ما كوتِبُوا عليه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن عبدِ الكريمِ الجزَرِيِّ، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ، أنَّه كرِه أن يكاتِبَ مملوكَه إذا لم تكنْ له حرفةٌ، قال: تُطعِمُنى أوساخَ النَّاسِ (٣)؟

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾. يقولُ: إن علمتم لهم حيلةً، ولا تُلقُوا مُؤْنتَهم على المسلمين (٤).

حدَّثني يونسُ، قال: [أخبرنا ابن وهبٍ] (٥)، قال: أخبَرنا أشهبُ، قال: سُئل مالكُ بنُ أنسٍ عن قولِه: ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا﴾. فقال: إنَّه ليقالُ: الخيرُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الخبر".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "لأدنى".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٨/ ٣٧٤، والبيهقى ١٠/ ٣١٨ من طريق سفيان به.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٨٣، ٢٥٨٤، والبيهقي ١٠/ ٣١٧ من طريق عبد الله به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٤٥، ٤٦ إلى ابن المنذر.
(٥) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.