للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (٥٨)﴾.

ذُكرِ أن إبراهيمَ صلواتُ اللهِ عليه خَلَف بهذه اليمينِ في سِرٍّ مِن قومِه وخفاءٍ، وأنه لم يَسْمَعْ ذلك منه إلا الذي أفشاه عليه حينَ قالوا: ﴿مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٥٩]. فقال: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: ٦٠].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾. قال: قولُ إبراهيمَ حينَ اسْتَتْبَعه قومُه إلى عيدٍ لهم فأبَى وقال: إنى سَقِيمٌ. فسَمِع منه وعيدَ أصنامِهم رجلٌ منهم اسْتأخَرَ، وهو الذي يقولُ: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ﴾. قال: نَرَى أنه قال ذلك حيثُ لا يَسْمَعون بعدَ أَن تَوَلُّوا مُدْبِرين (٢).

وقولُه: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ﴾. اختلَفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ سوى يحيى بن وثَّابٍ والأعمشِ والكسائيِّ:


(١) تفسير مجاهد ص ٤٧٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢١ إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢١ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.