للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا﴾.

وفى هذا أيضًا من قولِ اللهِ جلَّ ثناؤه خبرًا عن المؤمنين من مسألتِهم إياه ذلك، الدلالةُ الواضحةُ أنهم سألوه تَيْسيرَ فرائضِه عليهم بقولِه: ﴿وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾. لأنهم عقَّبوا ذلك بقولِهم: ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾. مسألةً منهم ربَّهم أن يعفوَ لهم عن تقصيرٍ إن كان منهم في بعض ما أمَرَهم به مِن فرائضِه، فيَصْفَحَ لهم عنه، ولا يُعاقِبَهم عليه، وإن خفَّ ما كلَّفهم مِن فرائضِه على أبدانِهم.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال بعضُ أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَاعْفُ عَنَّا﴾. قال: اعْفُ عنا إن قصَّرْنا عن شيءٍ مِن أَمرِك مما أَمَرْتَنا به (١).

وكذلك قولُه: ﴿وَاغْفِرْ لَنَا﴾. يعنى: واسْتُرْ علينا زَلَّةً إن أتَيْناها فيما بينَنا وبينَك، فلا تَكْشِفْها ولا تَفْضَحْنا بإظهارِها.

وقد دلَّلْنا على معنى "المغفرةِ" فيما مضَى قبلُ (٢).

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: ﴿وَاغْفِرْ لَنَا﴾: إِن انْتَهَكْنا شيئًا مما نهَيْتَنا عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَارْحَمْنَا﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤُه: تغَمَّدْنا منك برحمةٍ تُنْجِينا بها من عقابِك، فإنه ليس


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٧ إلى المصنف. وستأتي بقيته فيما يأتي.
(٢) تقدم في ١/ ٧٢٠، ٧٢١.