للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه الشدَّةُ والمشقَّةُ؛ ولذلك قيل: عَنِتَ فلانٌ (١)، إذا شقَّ عليه (٢) وجهَده، فهو يَعْنَتُ عَنَتًا. كما قال تعالى ذكرُه: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ﴾ [التوبة: ١٢٨]. يعنى: ما شقَّ عليكم وآذاكم وجهَدكم، ومنه قولُه تعالى ذكرُه: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٥]. فهذا إذا عنِت العانتُ، فإن صيَّره غيرُه كذلك قيل: أعْنَته فلانٌ في كذا، إذا جهَده وألْزَمه أمرًا جهَده القيامُ به، يُعْنِتُه إعناتًا. فكذلك قولُه: ﴿لَأَعْنَتَكُمْ﴾. معناه: لأوْجَب لكم العَنَتَ بتحرِيمِه عليكم ما يجْهدُكم ويُحْرِجُكم، ممَّا لا تُطِيقون القيامَ باجتنابِه وأداءِ الواجبِ له عليكم فيه.

وقال آخَرون: معنى ذلك: لأوْبَقكم وأهلَكَكم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا طَلْقُ بنُ غَنَّامٍ، عن زائدةَ، عن منصورٍ، عن الحكمِ، عن مقْسَمٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: قرَأ علينا: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾ قال ابنُ عباسٍ: ولو شاء اللهُ لجعَل ما أصبتم مِن أموالِ اليتامى مُوبِقًا.

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا يحيى بنُ آدمَ، عن فُضَيْلٍ وجريرٍ، عن منصورٍ، وحدَّثنا ابنُ حُمَيدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن الحكمِ، عن مِقْسَمٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾. قال: لجعَل ما أصَبتم مُوبِقًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٠)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بذلك: إن اللهَ عزيزٌ في سلطانِه، لا يَمْنَعُه مانعٌ ممَّا أحلَّ بكم مِن عقوبةٍ، لو أعنَتكم بما يَجْهَدُكم القيامُ به مِن فرائضِه، فقصَّرتُم في القيامِ


(١) في م: "فلانًا".
(٢) أى الأمر. وينظر معانى القرآن للفراء ١/ ١٤٣.