للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ بهذا الحديثِ بهذا الإسنادِ، عن مجاهدٍ، فقال: الأكوابُ: الأَقْداحُ (١).

وقوله: ﴿كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾. يقولُ: كانت هذه الأوانى والأكوابُ قواريرَ، فحوَّلها الله فضةً. وقيل: إنما قيل: ويُطافُ عليهم بآنيةٍ مِن فضةٍ. ليَدُلُّ بذلك على أنَّ أَرضَ الجنةِ فضةٌ؛ لأنَّ كلَّ آنيةٍ تُتَّخَذُ فإنما تُتَّخَذُ مِن تربةِ الأرضِ التي فيها، فدلّ جلّ ثناؤه بوصفِه الآنيةَ التي يُطافُ بها (٢) على أهلِ الجنةِ أنها مِن فضةٍ؛ ليُعلمَ عبادَه أن تُرْبةَ أرضِ الجنةِ فضةٌ.

واختلَفتِ القرأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿قَوَارِيرَا﴾ و ﴿سَلَاسِلا﴾؛ فقرأ ذلك عامةُ قرأَةِ المدينةِ والكوفةِ غيرَ حمزةَ: (سلاسلًا) و (قواريرًا). بإثباتِ الألف والتنوينِ، وكذلك هي في مصاحفِهم، وكان حمزةُ يُسْقِطُ الألفاتِ مِن ذلك كلِّه، ولا يُجْرِى شيئًا منه، وكان أبو عمرٍو يُثْبِتُ الألفَ في الأولى مِن ﴿قَوَارِيرَا﴾، ولا يُثْبِتُها في الثانيةِ (٣).

وكلُّ ذلك عندَنا صوابٌ، غيرَ أن الذي ذكرْتُ عن أبي عمرٍو أَعْجَبُهما إليَّ؛ وذلك أنَّ الأوَّلَ مِن القوارير رأسُ آيةٍ، والتوفيقُ بين ذلك وبين سائرِ رءُوسِ آياتِ السورةِ، أعجبُ إليَّ، إذ كان ذلك بإثباتِ الألفاتِ في أكثرِها.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (١٧) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قواريرَ في صفاءِ الصفاءِ مِن فضةِ الفضةِ، من البياضِ.


(١) أخرجه هناد في الزهد (٦٨) من طريق منصور به.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) ينظر حجة القراءات ص ٧٣٧، ٧٣٨، والسبعة ص ٦٦٣ وكتاب التيسير في القراءات السبع ص ١٧٦، ١٧٧.