فهؤلاء النبيُّ ﷺ والمؤمِنون. ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾: لهؤلاء الأجرُ بما عَمِلوا في الدنيا.
وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. فإنه يَعني جل ثناؤُه أنه مُحيطٌ بعملِ الفريقَيْن كلَيْهما اللذَيْن مِن مسألةِ أحدِهما: ربَّنا آتِنا في الدنيا. ومن مسألةِ الآخَرِ: ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النارِ. فمُحْصٍ له بأسرعِ الحسابِ، ثم إنه مُجازٍ كلا الفريقَيْن على عملِه.
وإنما وصَف جل ثناؤُه نفسَه بسرعةِ الحسابِ؛ لأنه جل ذكرُه يُحْصِي ما يُحْصِي من أعمالِ عبادِه بغيرِ عقدِ أصابعَ ولا فكرٍ ولا رَوِيّةٍ، فِعْلَ العَجَزةِ الضَّعَفةِ من الخلقِ، ولكنه لا يَخْفَى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، ولا يَعْزُبُ عنه مثقالُ ذَرَّةٍ فيهما، ثم هو مُجازٍ عبادَه على كلِّ ذلك، فلذلك امْتَدَح بسرعةِ الحسابِ، وأخْبَرَ خَلْقَه أنه ليس لهم بمثلٍ فيَحتاجَ في حسابِه إلى عقدِ كفٍّ أو وَعْيِ صَدْرٍ.
القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾.
يعني جل ثناؤُه: اذكُرُوا اللَّهَ بالتوحيدِ والتعظيمِ في أيامٍ مَحْصِيّاتٍ، وهُنَّ أيامُ رَمْيِ الجِمارِ، أمَر عبادَه يومئذٍ بالتكبيرِ أدبارَ الصلَواتِ، وعندَ الرَّمْيِ مع كلِّ حصاةٍ من حَصَى الجِمارِ يُرْمى بها جَمْرةٌ من الجِمارِ.
وبمثلِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هُشَيمٌ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ﴾. قال: أيامُ