للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾.

ذكْرُ اختلافِ المختلِفين في ذلك

حدَّثَنَا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، قال: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: حَدَّثَنِي محمدُ بنُ أبى محمدٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، أو عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾: أَى: أهلَ الشركِ حتى تَسْفِكوا دماءَهم معهم وتُخْرِجوهم من ديارِهم معهم، فقال: ابْتَلاهُم (١) اللهُ بذلك (٢) مِن فعلِهم، وقد حَرَّم عليهم في التوراةِ سفكَ دمائِهم، وافترضَ عليهم فيها فداءَ أَسْراهم، فكانوا فريقَيْن؛ طائفةٌ منهم بنو قينقاعَ ولِفُّهم (٣) حلفاءُ الخزرجِ، والنضيرُ وقريظةُ ولِفُّهم (٣) حلفاءُ الأوسِ، فكانوا إذا كانت بين الأوْسِ والخزرجِ حربٌ خرجتْ بنو قينقاعَ مع الخزرجِ، وخرجتِ النضيرُ وقريظةُ مع الأوسِ، يُظاهرُ كلُّ واحدٍ من الفريقَيْن حلفاءَه على إخوانِه حتى يَتَسافكوا دماءَهم بينهم، وبأيديهم التوراةُ يَعْرفون منها ما عليهم وما لهم، والأوسُ والخزرجُ أهلُ شركٍ يَعبدون الأوثانَ لا يَعْرِفون جنةً ولا نارًا، ولا بعثًا ولا قيامةً، ولا كتابًا ولا حرامًا ولا حلالًا، فإذا وَضَعتِ الحربُ أوزارَها افتدَوْا أَسْراهم، تصديقًا لما في التوراةِ وأخذًا به بعضُهم من بعضٍ. يَفْتَدِى بنو قينقاعَ ما كان من أَسْراهم في أيدى الأوسِ، وتَفْتَدِى النضيرُ وقريظةُ ما كان في أيدى الخزرجِ منهم، ويُطِلُّون (٤) ما أصابُوا من الدماءِ، وقتَلوا مَن قتَلوا منهم فيما بينهم، مظاهرةً لأهلِ الشركِ عليهم، يقولُ اللهُ ﷿ حين أنْبَأَهُم بذلك: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ


(١) في م، ت ١، ت ٢: "أنبهم".
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٣) سقط من: م. واللِّفُّ: الحزب والطائفة، والقوم المجتمعون. والجمع لُفوف وألفاف. التاج (ل ف ف).
(٤) الطلّ: هدر الدم، وقيل: هو ألا يثأر به أو تقبل ديته. اللسان (ط ل ل).