للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِبَعْضٍ﴾ أى: [يُفادِيه بحُكْمِ التوراةِ، ويقتُلُه، وفى حكمِ التوراةِ ألا يفعَلَ، ويُخرِجُه من دارِه، ويُظاهِرُ] (١) عليه مَن يُشرِكُ باللهِ ويعبدُ الأوثانَ من دونِه ابتغاءَ عَرَضِ الدنيا. ففى ذلك من فعلِهم مع الأوسِ والخزرجِ -فيما بلغنى- نزلتْ هذه القصةُ (٢).

حَدَّثَنِي موسى بنُ هارونَ، قال: حَدَّثَنَا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ﴾. قال: إن اللهَ جلَّ ذكرُه أَخَذ على بنى إسرائيلَ في التوراةِ ألا يَقْتُلَ بعضُهم بعضًا، وأيُّما عبدٍ أو أمةٍ وجَدْتموه من بنى إسرائيلَ فاشترُوه بما [قام ثَمَنُه] (٣) فأَعْتِقوه، فكانت قريظةُ حلفاءَ الأوسِ، والنضيرُ حلفاءَ الخزرجِ، فكانوا يَقْتَتِلُون في حربِ سُمَيْرٍ (٤)، فتقاتلُ بنو قريظةَ مع حلفائِها النضيرَ وحلفاءَها، وكانت النضيرُ تُقاتِلُ قريظةَ وحلفاءَها ويَغْلِبونَهم، فيُخْرِبون ديارَهم ويُخْرِجونَهم منها، فإذا أُسِر رجلٌ من الفريقَيْن كليهِما، جَمَعوا له حتى يَفْدُوه، فتُعَيِّرُهم العربُ بذلك، ويقولون: كيف تقاتلونهم وتَفْدونهم؟ قالوا: إنا أُمِرْنا أن نَفْدِيَهم وحُرِّم علينا قتالُهم. قالوا: فَلِمَ تُقاتلُونهم؟ قالوا: إنا نَسْتَحْيِى أن يُستَذَلَّ حلفاؤُنا. فذلك حين عَيَّرهم اللهُ جلَّ وعزُّ، فقال: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (٥).


(١) في م: "تفادونه بحكم التوراةِ وتقتلونه وفى حكم التوراة ألا يقتل ولا يخرج من ذلك ولا يظاهر".
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٦٣ - ١٦٦ (٨٥٦، ٨٥٩، ٨٦٠، ٨٦٤، ٨٦٧، ٨٧٠) مفرقًا من طريق سلمة به.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قدم يمينه" وبما قام ثمنه. يريد: بما بلغه ثمنه. يقال: كم قامت ناقتك؟ أى كم بلغت. وقد قامت الأمةُ مائةَ دينار. أى بلغ قيمتها مائة دينار. اللسان (ق و م).
(٤) سمير: رجل من بنى عمرو بن عوف. وينظر خبر هذه الحرب في الكامل لابن الأثير ١/ ٦٥٨، والأغاني ٣/ ١٨. وسيذكره المصنّف مرّة أخرى في تفسير الآية ١٠٣ من سورة آل عمران.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٦٣ (٨٥٢، ٨٥٧) عن أبى زرعة، عن عمرو به.