للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنِي يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: كانت قريظةُ والنضيرُ أخوَيْن، وكانوا بهذه البلدةِ (١)، وكان الكتابُ بأيديهم، وكانت الأوسُ والخزرجُ أخوَيْن فافترَقا، وافترَقَتْ قريظةُ والنضيرُ، فكانت النضِيرُ مع الخزرجِ، وكانت قريظةُ مع الأوسِ. قال: فاقْتَتلوا، وكان بعضُهم يَقْتُلُ بعضًا، فقال اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ الآية.

وقال آخرون بما حَدَّثَنِي المثني، قال: ثنا آدمُ، قال: ثنا أبو جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبى العاليةِ، قال: كان في بنى إسرائيلَ إذا اسْتَضْعَفوا قومًا أَخْرَجوهم من ديارِهم، وقد أُخِذ علَيْهم الميثاقُ ألا يَسْفِكوا دماءَهم، ولا يُخْرِجوا أنفسَهم من ديارِهم (٢).

وأما العُدْوانُ فهو الفُعْلانُ من التَّعَدِّي، يقالُ منه: عدا فلانٌ في كذا يَعْدُو فيه عَدْوًا وعُدْوانًا، واعْتَدَى فهو يَعْتَدِى اعتداءً. وذلك إذا جاوز حدَّه ظُلْمًا وبَغْيًا.

وقد اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ﴿تَظَاهَرُونَ﴾؛ فقرَأها بعضُهم: ﴿تَظَاهَرُونَ﴾. على مثالِ "تَفاعَلُون"، بحذفِ التاءِ الزائدة - وهى التاءُ الآخرةُ، وقرَأها آخرون: (تَظَّاهَرُونَ). مُشدَّدةً، بتأويلِ "تَتَظاهَروُن"، غيرَ أنهم أَدْغَموا التاءَ الثانيةَ في الظاءِ لتقاربِ مخرجَيْهما فصَيَّروهما ظاءً مشددةً (٣).

وهاتان القراءتان وإن اختلفتْ ألفاظُهما فهما مُتَّفِقَتَا المعني، فسواءٌ بأىِّ ذلك قرَأ به القارئُ؛ لأنهما جميعًا لغتان معروفتان وقراءتان مُسْتَفيضتان في أمْصارِ الإسلامِ بمعنًى واحدٍ، ليس في إحداهما معنًى تَسْتَحِقُّ به اختيارَها على الأخري، إلَّا


(١) في م: "المثابة".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٦٣ (٨٥٣) من طريق آدم به.
(٣) وبها قرأ الكوفيون: عاصم وحمزة والكسائي، وقرأ الباقون "تظَّاهرون" بالتشديد. ينظر النشر ٢/ ٢١٨.