للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الربيعِ، قال: إنّ موسى لمَّا حضَره الموتُ دَعا سبعينَ حَبْرًا مِن أحبارِ بني إسرائيلَ، فاستَودَعهم التوراةَ، وجعَلهم أُمَناءَ عليه، كلَّ حَبْرٍ جَزءًا منه، واستخلَف موسى يوشعَ بنَ نونٍ، فلما مضَى القرنُ الأوَّلُ ومضَى الثانِى ومضَى الثالثُ، وقَعَت الفُرقةُ بينَهم؛ وهم الذين أُوتوا العلمَ مِن أبناء أولئك السبعينَ، حتى أَهْرَاقوا بينَهم الدماءَ، ووَقَع الشَّرُّ والاختلافُ، وكان ذلك كلُّه مِن قِبَلِ الذين أُوتوا العلمَ بَغْيًا بينَهم على الدنيا، طلبًا لسلطانِها ومُلْكِها وخزائنها وزُخْرفِها، فسَلَّط اللهُ عليهم جَبابِرتَهم، فقال اللهُ: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾. إلى قولِه: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ (١).

فقولُ (٢) الربيعِ بن أنسٍ هذا يدُلُّ على أنه كان عندَه أنه معنِيٌّ بقولِه: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ اليهودُ مِن بنى إسرائيلَ، دونَ النصارَى منهم ومن غيرِهم.

وكان غيرُه يُوَجِّهُ ذلك إلى أن المعنِيَّ به النصارى (٣) الذين أُوتوا الإنجيلَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبيرِ: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ﴾: الذي جاءك، أي أنّ اللَّهَ الواحدُ الذي ليس له شريكٌ، ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾. يَعنى بذلك النصارَى (٤).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٢) إلى المصنف، إلى قوله: جبابرتهم.
(٢) في النسخ: "يقول". والصواب ما أثبتنا.
(٣) بعده في س: "منهم".
(٤) سيرة ابن هشام (١/ ٥٧٧).