للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى استَحلَّ بها بعضُهم دماءَ بعضٍ، ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ يعنى: إلا مِن بعدِ ما عَلِموا الحقَّ فيما اختَلَفوا فيه مِن أَمْرِه، وأيقَنوا أنهم فيما يقولون فيه مِن عظيمِ الفِرْيةِ مُبْطلون، فأخبرَ اللَّهُ عبادَه أَنهم أَتَوْا مَا أَتَوْا مِن الباطلِ، وقالوا ماقالُوا مِن القولِ الذي هو كفرٌ باللهِ، على علمٍ منهم بخطأَ ما قالوه، وأنهم لم يقولوا ذلك جهلًا منهم بخَطئِه، ولكنّهم قالُوه واختَلَفوا فيه الاختلافَ الذي هم عليه؛ تَعَدِّيًا من بعضِهم على بعضٍ، وطلبَ الرياساتِ والملكِ والسلطانِ.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾. قالُ: قال أبو العاليةِ إلا من بعدِ ما جاءهم الكتابُ والعلمُ ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ يقولُ: بَغْيًا علَى الدنيا، وطلبَ مُلْكِها وسُلطانِها، فقَتَل بعضُهم بعضًا على الدنيا، مِن بعدِ ما كانوا علماءَ الناسِ (١).

حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، عن ابن عمرَ أنه كان يُكْثِرُ تلاوةَ هذه الآيةِ: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: بَغْيًا على الدنيا، وطلبَ مُلْكِها وسُلطانِها، من قِبَلِها واللهِ (٢) أُتِينا، ما كان علينا مَن يكونُ علينا (٣)، بعدَ أن يأخُذَ فينا كتابَ اللَّهِ وسنةَ نَبيِّه! ولكنَّا أُتِينَا مِن قِبَلِها.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦١٨) (٣٣١٦، ٣٣١٩) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٢) بعده في م: "ما".
(٣) سقط من: م.