للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾.

يقولُ: مَن كان كافرًا فجعَلْناه مسلمًا، وجعَلْنا له نورًا يَمْشِي به في الناسِ، وهو الإسلامُ. يقولُ: هذا كمَن هو في الظلماتِ. يعني الشركَ (١).

حدَّثني يونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾. قال: الإسلامُ الذي هداه اللهُ إليه، ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾: ليس مِن أهلِ الإسلامِ. وقرَأ: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧]. قال: والنورُ يَسْتَضِيءُ به ما في بيتِه ويُبْصِرُه، وكذلك الذي آتاه اللهُ هذا النورَ يَسْتَضِيءُ به في دينِه، ويَعْمَلُ به في نورِه (٢)، كما يستَضِيءُ صاحبُ هذا السِّراجِ. قال: ﴿كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ﴾: لا يَدْرِي ما يَأْتِي ولا ما يَقَعُ عليه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: كما خذَلْتُ هذا الكافرَ الذي يُجادِلُكم أيُّها المؤمنون باللهِ ورسولِه في أكلِ ما حرَّمْتُ عليكم مِن المطاعمِ عن الحقِّ، فزيَّنْتُ له سُوءَ عملِه فرآه حسنًا؛ ليَسْتَحِقَّ به ما أَعْدَدْتُ له من أليمِ العقابِ، كذلك زيَّنتُ لغيرِه ممَّن كان على مثلِ ما هو عليه مِن الكفرِ باللهِ وآياتِه ما كانوا يَعْمَلُون مِن مَعاصي اللهِ؛ ليَسْتَوْجِبوا بذلك مِن فعلِهم ما لهم عندَ ربِّهم مِن النَّكالِ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٨٢ (٧٨٥٨) من طريق أحمد بن مفضل به ببعضه، وأخرجه عقب الأثرين (٧٨٥١، ٧٨٥٥) من طريق عمرو، عن أسباط به.
(٢) في م: "فوره".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٨٣ (٧٨٦٤) من طريق أصبغ، عن ابن زيد، مقتصرًا على آخره.