للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: أَلْهَمْتُهم.

فتأويلُ الكلامِ إذن: وإذ الْقَيْتُ إلى الحواريين أن صَدِّقوا بي وبرسولى عيسى، فقالوا: ﴿آمَنَّا﴾. أي: صدَّقْنا بما أَمَرْتَنَا أن نُؤْمِنَ (١) يا ربَّنا، ﴿وَاشْهَدْ﴾ علينا، ﴿بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾. يقولُ: واشْهَدْ علينا بأننا خاضِعون لك بالذِّلَّةِ، سامِعون مُطِيعون لأمرِك.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واذْكُرْ يا عيسى أيضًا نعمتى عليك إذ أَوْحَيْتُ إلى الحواريِّين أن آِمنوا بي وبرسولى، إذ قالوا لعيسى ابن مريمَ: هل يَسْتَطِيعُ ربُّك أن يُنَزِّلَ علينا مائدةً مِن السماءِ. فـ ﴿إِذْ﴾ الثانيةُ مِن صلة ﴿أَوْحَيْتُ﴾.

واخْتَلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾؛ فقرَأ ذلك جماعةٌ مِن الصحابةِ والتابعين: (هل تَسْتَطِيعُ) بالتاءِ (ربَّك) (٢) بالنصبِ، بمعنى: هل تَسْتَطيعُ أن تَسْأَلَ ربَّك؟ وهل تَسْتَطِيعُ أن تَدْعُوَ رَبَّك؟ أو هل تَسْتَطِيعُ وتَرَى أَن تَدْعُوَه؟ وقالوا: لم يَكُنِ الحواريون شاكِّين أن الله تعالى ذكرُه قادرٌ أن يُنَزِّلَ عليهم ذلك، وإنما قالوا لعيسى: هل تَسْتَطِيعُ أنت ذلك؟

حدَّثنا ابن وَكيعٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ بشرٍ، [عن نافعِ بن عمرَ] (٣)، عن ابن أبي


(١) بعده في س: "بك".
(٢) وهى قراءة الكسائى مِن السبعة. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٢٤٩ ونسبه أبو حيان في البحر المحيط ٤/ ٥٤ إلى عليّ ومعاذ وابن عباس وعائشة وسعيد بن جبير.
(٣) في النسخ: "عن نافع عن ابن عمر". والصواب ما أثبتناه، وينظر ما تقدم في ١/ ١٢٢.