للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُلَيْكةَ قال: قالت عائشةُ: كان الحواريُّون لا يَشُكُّون أن الله قادرٌ أن يُنَزِّلَ عليهم مائدةً، ولكن قالوا: يا عيسى هل تَسْتَطِيعُ ربَّك؟ (١)

حدَّثني أحمد بن يوسفَ التَّغْلبيُّ (٢)، قال: ثنا القاسمُ بنُ سَلَّامٍ، قال: ثنا ابن مَهْديٍّ، عن جابرِ بن يزيدَ بن رفاعةَ، عن حسانَ (٣) بن مُخارِقٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ أنه قرَأَها كذلك: (هَلْ تَسْتَطِيعُ رَبَّكَ). وقال: تَسْتَطِيعُ أَن تَسْأَلَ رَبَّكَ؟ وقال: أَلا تَرَى أنهم مؤمنون (٤)؟

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والعراقِ: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ﴾ بالياءِ ﴿رَبُّكَ﴾ (٥) بمعنى: أن يُنَزِّلَ علينا ربُّك. كما يقولُ الرجلُ لصاحبِه: أَتَسْتَطِيعُ أن تَنْهَضَ معنا في كذا؟ وهو يَعْلَمُ أنه يَسْتَطِيعُ، ولكنه إنما يُرِيدُ: أَتَنْهَضُ معنا فيه؟ وقد يَجوزُ أن يَكونَ مرادُ قارئِه كذلك: هل يَسْتَجِيبُ لك ربُّك، ويُطِيعُك أن يُنَزِّلَ علينا؟

وأولى القراءتين عندى بالصوابِ قراءةُ مِن قرَأ ذلك ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ﴾ بالياءِ (٦)، ﴿رَبُّكَ﴾ برفعِ "الربِّ"، بمعنى: هل يَسْتَجِيبُ لك إن سأَلْتَه ذلك، ويُطِيعُك فيه؟

وإنما قلنا: ذلك أولى القراءتين بالصوابِ؛ لما بينَّا قبلُ مِن أن قولَه: ﴿إِذْ قَالَ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٤٣ (٧٠١٤) من طريق القاسم، عن عائشة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٤٦ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبى الشيخ وابن مردويه.
(٢) في النسخ "الثعلبى"، والمثبت هو الصواب كما تقدم.
(٣) في م: "حيان". وينظر التاريخ الكبير ٣/ ٣٣، والجرح والتعديل ٣/ ٢٣٥.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٤٦ إلى المصنف وأبي عبيد.
(٥) وهى قراءة نافع وابن كثير وعاصم وأبي عمرو وابن عامر وحمزة. السبعة لابن مجاهد ص ٢٤٩.
(٦) القراءتان كلتاهما صواب، وليست إحداهما أولى مِن الأخرى.