للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا عاذلاتى لا تُرِدنَ (١) ملامَتى … إن العواذلَ لَسْنَ لى بأميرِ

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (٧٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين وصَفتُ صفتَهم من عبادى - وذلك مِن ابتداءِ قولِه: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: ٦٣]. إلى قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا﴾ الآية - ﴿يُجْزَوْنَ﴾. يقولُ: يُثابون على أفعالِهم هذه التي فعَلوها في الدنيا ﴿الْغُرْفَةَ﴾. وهى منزلةٌ من منازلِ الجنةِ رفيعةٌ، ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾. يقولُ: بصبرِهم على هذه الأفعالِ ومقاساةِ شدتِها.

وقولُه: ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾. اختلفت القرأةُ في قراءتِه؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ: ﴿وَيُلَقَّوْنَ﴾. مضمومةَ الياءِ، مشدّدةَ القافِ (٢)، بمعنى: وتتلقَّاهم الملائكةُ فيها بالتحيةِ.

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (ويَلْقَوْنَ). بفتحِ الياءِ وتخفيفِ القافِ (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أن يقالَ: إنهما قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصارِ، بمعنًى واحدٍ، فبأيتِهما قرأ القارىُ فمصيبٌ، غيرَ أن أعجبَ القراءتين إليَّ أن أقرأَ بها: (وَيَلْقَوْنَ). بفتحِ الياءِ وتخفيفِ القافِ؛ لأن العربَ إذا قالت ذلك بالتشديدِ، قالت: فلانٌ يُتَلَقَّى بالسلامِ وبالخيرِ، ونحن نَتَلقَّاهم بالسلامِ. قرَنتْه بالباءِ (٤)، وقلّما


(١) في اللسان، وشرح الشواهد: "تَزدْن".
(٢) وهى قراءة نافع وأبى جعفر وابن كثير وابن عامر وأبى عمرو ويعقوب. ينظر النشر ٢/ ٢٥١.
(٣) وهى قراءة حمزة والكسائى وخلف وأبى بكر. المصدر السابق.
(٤) في م: "بالياء".