للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لِلْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: ١٤] وقد بيَّنتُه هنالك (١).

وقد اختلفتِ القرأة فى قراءةِ قوله: ﴿مُوهِنُ﴾؛ فقرأته عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ المكيين والبصريين: (مُوَهِّنُ). بالتشديدِ (٢) من وهَّنتُ الشيءَ: ضعَّفته. وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين: ﴿مُوهِنُ﴾ (٣). من أَوْهنته فأنا مُوهِنُه، بمعنى: أَضْعَفتُه.

والتشديدُ في ذلك أعجبُ إليَّ؛ لأن اللهَ تعالى ذكرُه كان يَنْقُضُ ما يُبْرِمُه المشركون لرسولِ اللهِ وأصحابِه، عقدًا بعدَ عقدٍ، وشيئا بعدَ شيءٍ، وإن كان الآخرُ وجهًا صحيحًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمشركين الذين حاربوا رسولَ اللهِ ببدرٍ: ﴿إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾. يعنى: إن تَسْتَحكموا اللهَ على أقطعِ الحزبين للرحم وأظلمِ الفئتين، وتَسْتَنصروه عليه، فقد جاءَكم حكمُ اللهِ ونصرُه المظلومَ على الظالمِ، والمحقَّ على المُبْطلِ.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا المُحَاربيُّ، عن جُوَيبرٍ، عن الضحَّاكِ: ﴿إِنْ


(١) تقدم ص ٧٤.
(٢) قرأ بها ابن كثير ونافع وأبو عمرو. ينظر السبعة في القراءات ص ٣٠٤.
(٣) قرأ بها ابن عامر وحمزة والكسائى وأبو بكر وعاصم. السابق ص ٣٠٥.