للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا ابن إدريسَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن داود بن حُصينٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس: ﴿وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ﴾. إلى قوله: ﴿شُرَّعًا﴾. قال: قال ابن عباسٍ: ابتدعوا السبتَ فابتلُوا فيه، فحرِّمتْ عليهم [فيه الحيتانُ] (١)، فكانوا إذا كان يوم السبت شَرَعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحرِ، فإذا انقضَى السبتُ ذهَبتُ فلم تُرَ حتى السبتِ المقبل، فإذا جاء السبتُ جاءتْ شُرَّعًا، فمكَثوا ما شاءَ اللَّهُ أَنْ يمكثوا كذلك، ثم إن رجلًا منهم أخذ حوتًا [فَخَزَمه بأنفِه] (٢)، ثم ضرب له وَتِدًا في الساحلِ، وربطه وترَكه في الماءِ، فلما كان الغدُ أخَذه فشَواهُ فأكَله، ففعل ذلك وهم يَنظُرون ولا يُنكِرون، ولا يَنهاه منهم أحدٌ، إِلَّا عُصبةٌ منهم نهوْه، حتى ظهَر ذلك في الأسواق وفعِلَ علانيةً. قال: فقالت طائفةٌ للذين يَنْهَوْنَ: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤)﴾، ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِرُوا بِهِ﴾ إلى قوله: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦)﴾. قال ابن عباس: كانوا أثلاثًا، ثلُثٌ نَهَوْا، وثلثٌ قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾. وثلثٌ أصحاب الخطيئةِ، فما نَجَا إِلَّا الَّذِينَ نَهَوْا، وهَلَك سائرُهم، فأصبح الذين نَهَوْا عن السوء ذات يوم في مجالسهم يتفقَّدون الناسَ لَا يروْنَهم، [فغلَّقوا عليهم] (٣) دورَهم، فجَعلوا يقولون: إن للناس لشأنًا، فانظروا ما شأنُهم. فاطَّلعوا في دورِهم، فإذا القومُ قد مُسِخوا في ديارهم قردةً، يَعرِفونَ الرجلَ


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) في م: "فخرم أنفه"، وفى ف: "فخرمه بأنفه". وخزم أنف الدابة: ثقبها، وجعل فيه خزامة، وهي حلقة تجعل في أحد منخريها. ينظر اللسان (خ ز م).
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فعلوا على".