للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا المحاربيُّ، عن داود، عن عكرمة، قال: قرأ ابن عباسٍ هذه الآية: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾. قال: لا أدرى أنجا القومُ أو هلكوا، فما زلتُ أبصِّرُه حتى عرف أنهم نجَوا، وكسانى حُلَّةً (١).

حدثني يونس، قال: أخبرني أشهبُ بنُ عبد العزيزِ، عن مالك، قال: زعم ابن رومانَ أن قوله: ﴿تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ﴾. قال: كانت تأتيهم يوم السبتِ، فإذا كان المساءُ ذهَبتْ فلا يُرَى منها شيءٌ إلى السبتِ، فاتَّخَذ لذلك رجلٌ منهم خَيْطًا ووتِدًا، فربط حونًا منها في الماءِ يومَ السبتِ، حتى إذا أمْسَوا ليلةَ الأحدِ أخَذه فاشْتواه، فوجَد الناسُ ريحه، فأتوْه فسألوه عن ذلك، فجحَدهم، فلم يزالوا به حتى قال لهم: فإنه جِلْدُ حوتٍ وجَدناه. فلمَّا كان السبتُ الآخرُ فعَلَ مثل ذلك - ولا أدرِى لعلَّه قال: ربط حوتَينِ - فلما أمسَى من ليلة الأحدِ أَخَذه فاشْتواه، فوجدوا رائحتَه، فجاءوا فسألوه، فقال لهم: لو شِئتم صنعتُم كما أصنعُ. فقالوا له: وما صنعت؟ فأخبرهم، ففعلوا مثل ما فعَل، حتى كثر ذلك، وكانت لهم مدينةٌ لها رَبَضٌ (٢)، فغلَّقوها عليهم، فأصابَهم من المسخِ ما أصابَهم، فغَدا إليهم جيرانُهم ممَّن كان يكون حولهم يطلُبون منهم ما يطلبُ الناسُ، فوجدوا المدينةَ مُغلقةً عليهم، فنادَوا فلم يُجيبُوهم، فتسَوَّروا عليهم، فإذا هم قِردةٌ، فجعَلَ القِرْدُ يدْنو يتمسَّحُ بمن كان يعرفُ قبلَ ذلكَ، يدنو منه ويتمسَّحُ به (٣).

وقال آخرون: بل الفرقةُ التي قالت: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾. كانت من الفرقة الهالكةِ.


(١) ينظر ما تقدم تخريجه في ص ٥١٤.
(٢) الربض: سور المدينة وما حولها، وقيل: الفضاء حول المدينة. التاج (ر ب ض).
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٩٥ عن المصنف.