للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَنْكِحُوهم، ولا تُنْكِحوا إليهم، فإنهم لا يَأْلونكم خَبالًا، ولكن اقْبَلوا مِن اللهِ ما أمَركم به، فاعْمَلوا به، وانْتَهوا عمَّا نهاكم عنه، فإنه يَدْعوكم إلى الجنةِ، يعنى بذلك: يَدْعوكم إلى العملِ بما يُدْخِلُكم الجنةَ ويُوجِبُ لكم النجاةَ إن عمِلتم به مِن النارِ، وإِلى ما يَمْحو خطايَاكم [وذنوبَكم] (١) فيَعْفو عنها، ويَسْتُرُها عليكم.

وأمَّا قولُه: ﴿بِإِذْنِهِ﴾. فإنه يعنى أنه يَدْعوكم إلى ذلك بإعلامِه إيَّاكم سبيلَه وطريقَه الذى به الوصولُ إلى الجنةِ والمغفرةِ. ثم قال تعالى ذكرُه: ﴿وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾. يقولُ: ويُوَضِّحُ حُجَجَه وأدلَّتَه فى كتابِه الذى أنْزَله على لسانِ رسولِه لعبادِه ليَتَذَكَّروا فيَعْتَبِروا، ويَمِيزوا بين الأمريْنِ اللذين أحدُهما، دعاءٌ إلى النارِ والخلودِ فيها، والآخرُ؛ دعاءٌ إلى الجنةِ وغفرانِ الذنوبِ، فيختاروا خيرَهما لهم، ولم يَجْهَلِ التمييزَ بين هاتين إلَّا غبىُّ الرأىِ، مدخولُ العقلِ.

القولُ فى تأويلِ قولهِ تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾: ويَسْألُك يا محمدُ أصحابُك عن الحيضِ (٢). وقيل: ﴿الْمَحِيضِ﴾. لأن ما كان مِن الفعلِ ماضيه بفتحِ عينِ الفعلِ وكسرِها فى الاستقبالِ -مثلُ قولِ القائلِ: ضرَب يَضْرِبُ، وحبَس يَحْبِسُ، ونزَل يَنْزِلُ- فإن العربَ تَبنى مصدرَه على المَفْعَل، والاسمَ على المَفْعِل؛ مثلَ المَضْرَبِ والمَضْرِبِ، مِن: ضرَبت، ونزَلت منزَلًا ومنزِلًا. ومسموعٌ فى ذواتِ الياءِ والألفِ: المَعِيشُ والمعاشُ، والمَعيبُ والمَعابُ، كما قال رُؤْبَةُ فى المعيشِ (٣):


(١) فى م: "أو ذنوبكم".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المحيض".
(٣) ديوانه ص ٧٨، ٧٩، ورواية البيت الثانى: وجهد أعوام برين ريشى.