للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد أوحَى إليك ربُّك يا محمدُ، وإلى الذين من قبلِك من الرسلِ، ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾. يقولُ: لَئِنْ أَشرَكتَ باللهِ شيئًا يا محمدُ، ليَبطُلَنَّ عملُك ولا تنالُ به ثوابًا، ولا تدركُ به جزاءً إلا جزاءَ مَن أشرَك باللهِ. وهذا من المؤخَّرِ الذي معناه التقديمُ. ومعنى الكلامِ: ولقد أوحِي إليك لئن أشرَكتَ ليحبطنَّ عملُك، ولتكونَنَّ من الخاسِرين، ﴿وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. بمعنى: وإلى الذين مِن قبلِك من الرسلِ من ذلك، مثلُ الذي أوحِي إليك منه، فاحذَرْ أن تشركَ باللهِ شيئًا فتَهلِكَ.

ومعنى قولِه: ﴿وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. ولتكونَنَّ من الهالِكين بالإشراكِ باللهِ، إن أشرَكتَ به شيئًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : لا تعبدْ ما أمَرك به هؤلاء المشركون من قومِك يا محمدُ بعبادتِه، بل الله فاعبُدْ دونَ كلِّ ما (١) سواه من الآلهةِ والأوثانِ والأندادِ، ﴿وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ للهِ على نعمتِه عليك، بما أنعَم عليك من الهدايةِ لعبادتِه (٢)، والبراءةِ من عبادةِ الأصنامِ والأوثانِ، ونُصِبَ اسمُ ﴿اللَّهَ﴾ بقولِه: ﴿فَاعْبُدْ﴾. وهو بعدَه؛ لأنه ردُّ كلامٍ، ولو نُصِب بمضمرٍ قبلَه، إذ كانت العربُ تقولُ: زيدٌ فليقُمْ، [وزيدًا فليقُمْ] (٣). رفعًا ونصبًا؛ الرفعُ على: فليُنظَرْ زيدٌ


(١) في ت ١: "من".
(٢) في ت ٢، ت ٣: "لعباده".
(٣) سقط من: ت ٢، ت ٣.