﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ أقربُ منه إلى قولِه: ﴿اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾. فكان إلحاقُ ذلك بما هو أقربُ إليه أولى منه بما بَعُدَ.
وقولُه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾. اختُلف في ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: إنَّ الحكمَ بين المختلفِينَ فى الدنيا يومَ القيامةِ على اللهِ يسيرٌ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ قال: حُكمُه يومَ القيامةِ. ثم قال: بَيَّنَ ذلك: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ﴾.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنَّ كتابَ القلمِ الذي أمرَه اللهُ أن يكتبَ في اللوحِ المحفوظِ ما هو كائنٌ، على اللهِ يسيرٌ. يعنى: هيِّنٌ.
وهذا القولُ الثانى أولى بتأويلِ ذلك؛ وذلك أنَّ قولَه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾. إلى قولِه: ﴿إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ﴾. أقربُ، وهو له مجاورٌ، ومِن قوله: ﴿اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ مُتباعدٌ، ومع دخولِ قولِه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ بينَهما (١)، فإلحاقُه بما هو أقربُ، أولى ما وُجِد للكلامِ -وهو كذلك- مَخرَجٌ في التأويلِ صحيحٌ.