للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَرائعِكم ليَخْتَبِرَكم، فيَعْرِفَ المُطيعَ منكم مِن العاصي، والعاملَ بما أمَرَه في الكتابِ الذي أنْزَله إلى نبيِّه مِن المُخالِفِ.

والابتلاءُ هو الاختِبارُ. وقد بَيَّنْتُ (١) ذلك بشَواهدِه فيما مضَى قبلُ.

وقولُه: ﴿مَا آتَاكُمْ﴾. يعنى: فيما أنزَل عليكم مِن الكتبِ.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ: ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾. قال عبدُ اللَّهِ بنُ كَثِيرٍ: لا أَعلَمُه إلا قال: ليَبْلُوَكم فيما آتاكم مِن الكتبِ (٢).

فإن قال قائلٌ: وكيف قال: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ﴾؟ ومَن المُخاطَبُ بذلك وقد ذكَرْتَ أن المعنيَّ: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ نبيُّنا (٣) مع الأنبياءِ الذين مضَوْا قبلَه وأممِهم، و (٤) الذين قبلَ نبيِّنا على حِدَةٍ (٥)؟

قيل: إن الخطابَ وإن كان لنبيِّنا ، فإنه قد أُرِيد به الخبرُ عن الأنبياءِ قبلَه وأممِهم، ولكنَّ العربَ مِن شأنِها إذا خاطَبَت إنسانًا وضمَّت إليه غائبًا، فأرادت الخبرَ عنه، أن تُغَلِّبَ المُخاطَبَ، فيَخْرُجَ الخبرُ عنهما على وجهِ الخطابِ، فلذلك قال تعالى ذكرُه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ


(١) في النسخ: "ثبت"، والمثبت هو الصواب. وينظر ما تقدم في معنى "البلاء" في ١/ ٦٥٣، ٦٥٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٥٣ (٦٤٩٠) من طريق حجاج به.
(٣) في م: "لكل نبى".
(٤) سقط من: م.
(٥) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣. وفى م: "والمخاطب النبي وحده". وفى ص: "حده". والمثبت موافق للسياق، ومستفاد من تحقيق الشيخ شاكر.
وسياق الكلام: ومن المخاطب … وقد عرفت أن الذين قبل نبينا على حدة؟