للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه للمشركين به من قومِ رسولِ اللهِ من قُرَيشٍ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ﴾ التي أنعمَها، ﴿عَلَيْكُمْ﴾ بفتحِه لكم من من خيرِ نعمِه (١) ما فتَح، وبسْطِه لكم من العيشِ ما بسَط، وفكِّروا فانظُروا ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ﴾ لكم سِواىَ (٢) فاطرِ السماواتِ والأرضِ، الذي بيدِه مفاتحُ أرزاقِكم ومغالقُها، ﴿يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ فتعبدوه دونَه، ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. يقولُ: لا معبودَ تنبغى له العبادةُ، إلا الذي فطَر السماواتِ والأرضَ، القادرُ على كلِّ شيءٍ، الذي بيده مفاتحُ الأشياءِ وخزائنُها، ومغالقُ ذلك كلِّه، فلا تعبدوا أيُّها الناسُ شيئًا سواه، فإنه لا يقدِرُ على نفعِكم وضرِّكم سواه، فله فأخلِصوا العبادةَ، وإياه فأفرِدوا بالأُلوهةِ، ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. يقولُ: فأَيُّ وجهٍ عن خالقِكم ورازقِكم الذي بيدِه نفعُكم وضرُّكم تُصرَفون؟

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾. يقولُ الرجلُ: إنه ليُؤْفَكُ عنِّى كذا وكذا. وقد بيَّنتُ معنى الإفكِ، وتأويلَ قولِه: ﴿تُؤْفَكُونَ﴾. فيما مضَى بشواهدِه المغنيةِ عن تكريرِه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ


(١) في م، ت ١، ت ٢: "خيراته".
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "سوي".
(٣) ينظر ما تقدم في ٨/ ٥٨٣، ٩/ ٤٢٤، ١٠/ ٣٦٠.