للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، ولكن لما كان ذلك استهزاءً، وكان فيه لرسول الله أَذًى، أمره الله بالصبرِ عليه منهم، حتى يأتيَه قضاؤُه فيهم، ولما لم يكنْ فى قولِه: ﴿عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾. بيانُ أى (١) القُطوطِ [أراد بهم] (٢) لم يكنْ لنا توجيهُ ذلك إلى أنه معنيٌّ به القُطوطُ، ببعضِ معانى الخير أو الشرِّ؛ فلذلك قلنا: إن مسألتهم كانت (٣) بما ذكرتُ من حظوظِهم من الخير والشرِّ.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)﴾.

يقول تعالى ذكرُه لنبيه محمد : اصبر يا محمدُ، على ما يقولُ مُشركو قومِك لك مما تَكْرَهُ قِيلَهم لك، فإنَّا مُمتَحِنوك بالمكاره، امْتِحانَنا سائرَ رُسُلِنا قبلك، ثم جاعِلو العُلُوِّ والرِّفْعَةِ والظَّفَرِ لك، على مَن كَذَّبك وشاقَّك، سُنَّتُنا في الرسل الذين أرْسَلْناهم إلى عبادِنا قبلَك؛ فمنهم عبدُنا أيوب وداودُ بنُ إِيشَا فاذكُره، ذا الأيدِ، ويعنى بقوله: ﴿ذَا الْأَيْدِ﴾: ذا القُوَّةِ والبَطْش الشديد في ذاتِ الله، والصبرِ على طاعتِه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ص: "أن".
(٢) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إرادتهم".
(٣) بعده في ص: "ما سألوا النبي التي كانت".