للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: نصيبنا من الجنةِ (١).

وقال آخرون: بل سألوا ربَّهم تعجيلَ الرزقِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرَ بنُ عليٍّ، قال: ثنا أشعثُ السِّجِسْتانيُّ، قال: ثنا شعبةُ، عن إسماعيلَ بنُ أبي خالدٍ في قولِه: ﴿عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا﴾. قال: رزقَنا (٢).

وقال آخرون: [بل سأَلوا الله] (٣) أن يعجلَ لهم كتبَهم التي قال اللَّهُ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾ [الحاقة: ١٩]، ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ [الحاقة: ٢٥]. في الدنيا، لينظُروا بأيمانِهم يُعْطَوْنها أم بشمائلِهم؟ ولينظُروا من أهلِ الجنةِ هم، أم مِن أهلِ النارِ، قبلَ يومِ القيامةِ، استهزاءً منهم بالقرآنِ وبوعدِ اللهِ.

وأولى الأقوالِ فى ذلك عندى بالصوابِ أن يقالَ: إن القومَ سألوا ربَّهم تعجيلَ صِكاكِهم بحظوظِهم من الخيرِ أو الشرِّ، الذى وعَد اللهُ عبادَه أن يؤتِيَهموها (٤) في الآخرةِ، قبلَ يومِ القيامةِ في الدنيا، استهزاءً بوعيدِ اللَّهِ.

وإنما قلنا: إن ذلك كذلك؛ لأن القِطَّ هو ما وصَفتُ من الكتبِ بالجوائزِ والحظوظِ، وقد أخبر اللهُ عن هؤلاءِ المشركين أنهم سأَلوه تعجيلَ ذلك لهم، ثم أتبع ذلك قولَه لنبيِّه: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾. فكان معلومًا بذلك أن مسألتَهم ما سألوا النبي لو لم تكن على وجه الاستهزاءِ منهم، لم يكُن بالذي يُتبع (٥) الأمرَ بالصبرِ


(١) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ٦٧ من طريق سفيان به.
(٢) أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ٦٨ عن محمد بنُ عمر به.
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "سألوا".
(٤) في ت ١: "يريهموها".
(٥) بعده في ت ٢، ت ٣: "ذلك".