للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأباحَ التَّخَلَّفَ لمن شاء، فقال: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وَهْبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾. فقرأ حتى بلَغ: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. قال: هذا حين كان الإسلامُ قليلًا، فلمَّا كَثُرَ الإسلامُ بعدُ (١)، قال: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾ إلى آخر الآية (٢).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أن الله عنَى بها الذين وصفهم بقوله: ﴿وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾ الآية. ثم قال جل ثناؤُه: ما كان لأهل المدينة الذين تَخَلَّفوا عن رسول الله، ولا لمَن حولَهم من الأعراب الذين قَعَدوا عن الجهاد معه، أن يَتَخَلَّفُوا خِلافَه، ولا يَرْغَبوا بأنفسهم عن نفسه. وذلك أن رسول الله كان ندَب في غزوتِه تلك كلُّ مَن أطاقَ النهوضَ معه إلى الشُّخُوص إلا مَن أَذِنَ له، أو أمره بالمُقام بعدَه، فلم يكنْ لمَن قدَر على الشُّخُوص التَّخَلُّفُ، فَعَدَّدَ (٣) جل ثناؤُه مَن تَخَلَّفَ منهم، فأظهر (٤) نِفاقَ مَن كان تَخَلُّفُه منهم نِفاقًا، وعَذَرَ مَن كان تَخَلُّفُه كان (٥) لعُذْرٍ، وتابَ على من كان تَخَلُّفُه تَفْرِيطًا مِن غَيرِ شَكٍّ ولا ارْتِيابٍ في أمرِ اللهِ، إذ تابَ مِن خطأ ما كان منه مِن الفعل. فأما التَّخَلُّفُ عنه في حالِ


(١) في تفسير ابن أبي حاتم: "وفشا".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٠٧ من طريق أصبغ، عن ابن زيد.
(٣) في ص، ت ٢، س: "فعدل"، وفى ت ١، ف: "بعدك".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "وأظهر".
(٥) سقط من: م.