يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: فلعلك يا محمدُ تاركٌ بعضَ ما يُوحِي إليك ربُّك أن تُبلِّغَه مِن أمرِك بتبليغِه ذلك، وضائقٌ بما يُوْحَى إليك صدرُك، فلا تُبَلِّغُه إياهم، مخافةَ أن يقولوا: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ له مُصدِّقٌ بأنه للَّهِ رسولٌ. يقولُ تعالى ذكرُه: فبَلِّغْهم ما أوحيتُه إليك، فإنك ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ﴾ تُنْذِرُهم عقابي، وتُحَذِّرُهم بأسي على كفرِهم بي، وإنما الآياتُ التي يسألونكها عندي، وفي سلطاني، أُنزِلُها إذا شئتُ، وليس عليك إلا البلاغُ والإنذارُ، ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. يقولُ: واللَّهُ القَيِّمُ بكلِّ شيءٍ، وبيدِه تدبيرُه، فانفُذْ لما أمرتُك به، ولا يمنعْك مسألتُهم إياك الآياتِ مِن تبليغِهم وَحْيِي، والنفوذِ لأمري.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال بعضُ أهلِ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال اللَّهُ لنبيِّه: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ﴾ أن تفعلَ فيه ما أُمِرتَ، وتدعوَ إليه كما أُرسِلتَ. قالوا: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ﴾، لا نرى
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٠٨ من طريق آخر عن ابن جريج، إلى قوله: "النعمة"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٢٢ إلى أبي الشيخ مطولًا.