للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا يحيى بنُ كثيرِ بنِ درهمٍ أبو غسَّانَ، قال: ثنا قُرَّةُ بنُ خالدٍ، عن عطية الجَدَلىِّ: ﴿وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾. قال: سالمًا (١).

وحُدِّثت عن الحسينِ، قال: سمعتُ أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ فى قوله: ﴿وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا﴾: اجتنِبني سالمًا لا يصيبُك منِّى معرَّةٌ (٢).

وأولَى القولينِ (٣) بتأويلِ الآيةِ عندِى قولُ من قال: معنى ذلك: واهجُرني سويًّا، سليمًا من عقوبتِي؛ لأنَّه عَقيبُ قولِه: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾. وذلك وعيدٌ منه له إن لم ينتهِ عن ذكرِ آلهتِه بالسوءِ، أن يرجُمَه بالقولِ السيِّئ، والذى هو أولَى أن يَتبَعَ ذلك التقدُّمُ إليه بالانتهاءِ عنه قبلَ أن تنَالَه العقوبةُ، فأمَّا الأمرُ بطولِ هجرِه فلا وجهَ له.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه: قال إبراهيمُ لأبيه حينَ توعَّده على نصيحتِه إيَّاه ودعائِه إلى اللهِ، بالقول السَّيِّئ والعقوبة: سلامٌ عليك يا أبتِ، يقولُ: أَمَنَةٌ منِّى لك أن أُعاودَك فيما كرِهتَ، ولِدُعائك إلى ما توعَّدتني عليه بالعقوبةِ، ولكنِّى ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي﴾. يقولُ: ولكنِّي سأسألُ ربى أن يستُرَ عليك ذنوبَك بعفوِه إيَّاك عن عقوبتِك


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٣٠.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٣٠ به.
(٣) في الأصل، ت ٢: "التأويلين".