للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من عملٍ، فقال: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ الآية. كان اتِّباعُ محمدٍ تصديقًا لقولهم (١).

وقال آخرون: بل هذا أمرٌ من الله نبيَّه محمدًا أن يقول لوفدِ نَجْرانَ الذين قَدِموا عليه من النصارَى، إن كان الذي يقولونه في عيسى من عظيمِ القولِ إنما يقولُونه تعظيمًا لله وحبًّا له، فاتَّبعوا محمدًا .

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرٍ بن الزبُّيرِ: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ﴾ أي: إن كان هذا مِن قولِكم - يَعنى في عيسى - حبًّا لله وتعظيمًا له ﴿فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ أي: ما مضَى مِن كفركم، ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٢).

قال أبو جعفر: وأَوْلَى القولينِ بتأويلِ الآيةِ قولُ محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبيرِ؛ لأنه لم يَجْرِ لغيرِ وفد نَجرانَ في هذه السورة ولا قَبْلَ هذه الآية ذِكْرُ قومٍ ادَّعوا أنهم يُحِبُّون الله ولا أنهم يُعظِّمونه، فيكون قولُه: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ جوابًا لقولِهم على ما قاله الحسنُ.

وأمَّا ما روَى الحسنُ في ذلك مما قد ذكَرناه، فلا خبرَ به عندَنا يَصِحُّ فيَجوز أن يُقال: إن ذلك كذلك. وإن لم يكن في السورةِ دَلالةٌ على أنه كما قال، إلا أن يكونَ الحسنُ أراد بالقومِ الذين ذكَر أنهم قالوا ذلك على عهد رسولِ اللهِ وَفدَ نَجْرانَ مِن النصارَى، فيكونَ ذلك من قوله نَظِيرَ إخبارنا.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٣٣ (٣٤٠٢) من طريق أبى بكر الحنفى.
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٧٨/ ٥٧٩.