للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: يقولُ المشركون باللهِ: اختَلَق هذا الكتابَ محمدٌ مِن قِبَل نفسِه، وتَكَذَّبَه. و "أم" هذه تقريرٌ، وقد بَيَّنَّا في غيرِ موضعٍ من كتابنا أن العربَ إذا اعتَرضَت بالاستفهامِ في أضعافِ كلامٍ قد تقدَّم بعضُه، [أنها تستفهم] (١) بـ "أم" (٢). وقد زعمَ بعضُهم أن معنى ذلك: ويقولون. وقال: "أم" بمعنى الواوِ، و (٣) بمعنى "بل" في مثل هذا الموضعِ.

ثم أكْذَبهم تعالى ذكرُه فقال: ما هو كما تزعُمون وتقولون مِن أن محمدًا افتَراه، بل هو الحقُّ والصدقُ مِن عندِ ربِّك يا محمدُ، أنزله إليك؛ لتُنذِرَ قومًا بأسَ اللهِ وسَطوته، أن يَحِلَّ بهم على كفرِهم به، ﴿مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾. يقولُ: لم يأتِ هؤلاء القومَ الذين أرسَلك ربُّك يا محمدُ إليهم، وهم قومَه من قريشٍ، نذيرٌ ينذرُهم بأسَ اللهِ على كفرِهم قَبْلَك. وقولُه: ﴿لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾. يقولُ: ليتَبَيَّنوا سبيلَ الحقِّ، فيعرِفوه ويؤمِنوا به.

وبمثلِ الذي قلْنا في تأويلِ ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾. قال: كانوا أُمَّةً أُمَّيَّةً، لم يَأْتِهم نذيرٌ قبلَ محمدٍ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي


(١) في م: "أنه يستفهم".
(٢) تقدم في ٢/ ٤١٢، ٤١٣.
(٣) سقط من: م.
(٤) ذكره البغوي في تفسيره ٦/ ٢٩٩.