للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأنَّما أَهلُ حُجْرٍ يَنْظُرون متى … يَرَوْنَني خارِجًا طيرٌ ينادِيدُ (١)

طيرٌ رأَتْ بازيًا نَضْحُ (٢) الدماءِ بِهِ … وأمُّهُ (٣) خرجَتْ رهْوًا إلى عيدِ (٤)

يعني: على سكونٍ. وإذا كان ذلك معناه، كان لا شكَّ أنه متروكٌ سهلًا دَمِثًا، وطريقًا يَبَسًا؛ لأن بنى إسرائيلَ قطَعوه حينَ قطَعوه وهو كذلك، فإذا تُرِك البحرُ رهْوًا كما كان حينَ قطَعه موسى، ساكنًا لم يُهَج، كان لا شكَّ أنه بالصفةِ التي وصفْتُ.

وقولُه: ﴿إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ﴾. يقولُ: إِنَّ فرعونَ وقومَه جندٌ اللَّهُ مُغْرِقُهم في البحرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (٢٧) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: كم ترك فرعونُ وقومُه من القبطِ بعدَ مهلِكِهم وتغريقِ اللَّهِ إياهم من بساتينِ أشجارٍ (٥)، وهى الجناتُ، ﴿وَعُيُونٍ﴾. يعنى: ومنابعِ ماءٍ كان ينفجِرُ في جنانِهم.

﴿وَزُرُوعٍ﴾ قائمةٍ في مزارِعهم، وَ ﴿وَمَقَامٍ كَرِيمٍ﴾. يقولُ: ومَوضعٍ كانوا يقومونه، شريفٍ كريمٍ.

ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى وصفِ اللَّهِ ذلك المقامَ بالكرمِ؛ فقال بعضُهم: وصَفه بذلك لشرفِه، وذلك أنه مَقامُ الملوكِ والأمراءِ، قالوا: وإنما أُريد به المنابرُ.


(١) طير يناديد وأناديد: متفرقة. اللسان (ن د د).
(٢) في المعاني: "نضخ". والمثبت موافق لنسختين من نسخه.
(٣) في المعانى: "أو أمة". والمثبت موافق لإحدى نسخه.
(٤) في البيتين إقواء، وهو اختلاف حركة الروى في قصيدة واحدة. ينظر الكافي في العروض والقوافي للتبريزي ص ١٦٠.
(٥) في م: "وأشجار".