للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾. أي: يُصَدِّقونك بما جئتَ به مِن (١) اللَّهِ - جلَّ وعزَّ -، وبما جاء به مَن قبلَك مِن المُرْسَلِين، لا يُفَرِّقون بينَهم، ولا يَجْحَدون ما جاءوهم به مِن (٢) ربِّهم (٣).

حدَّثنا موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدِّيِّ في خبرٍ ذكَره عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، وعن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ النبيِّ : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾: هؤلاء المؤمنون مِن أهلِ الكتابِ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ: أما الآخرةُ، فإنها صفةٌ للدارِ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٤]. وإنما وُصِفَت بذلك لمصيرِها آخِرةً لأُولَى كان قبلَها، كما تقولُ للرجلِ: أنْعَمْتُ عليك مرةً بعدَ أخرى، فلم تَشْكُرْ لي الأُولَى ولا الآخرةَ. وإنما صارت الآخرةُ آخرةً للأولى؛ لتقدُّمِ الأولى أمامَها، فكذلك الدارُ الآخرةُ، سُمِّيَت آخِرةً لتقدُّمِ الدارِ الأولى أمامَها، فصارت التاليةُ (٥) لها آخِرةً. وقد يَجوزُ أن تكونَ [وُصِفت بأنها] (٦) آخرةً؛ لتأخُّرِها


(١) بعده في ت ٢: "عند".
(٢) بعده في ص، م، ت ٢: "عند".
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٥٣٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٨ (٨٠) من طريق سلمة به.
(٤) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٦٧ عن السدي به. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٣٨ (٨٣) من طريق عمرو، عن أسباط، عن السدي من قوله.
(٥) في ص: "الثانية".
(٦) في ص، م: "سميت".