للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾: يَكْفِهم اللَّهُ أمرَ ذُرِّيتهم بعدَهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عطيةَ بن رُدَيحِ (١) بن عطيةَ، قال: ثني عمى محمدُ بنُ رُدَيحٍ (١)، عن أبيه، عن السَّيْبانيِّ (٢)، قال: كنا بالقُسْطَنْطِينِيَّةِ أَيامَ مَسْلَمَةَ بن عبدِ الملكِ، وفينا ابن مُحَيْرِيزٍ وابنُ الدَّيْلَميِّ وهانئُ بنُ كُلْثُومٍ، قال: فجَعَلْنَا نَتَذَاكَرُ ما يكونُ في آخرِ الزمانِ، قال: فضِقْتُ ذَرْعًا بما سمِعتُ. قال: فقلتُ لابنِ الدَّيْلَميِّ: يا أبا بشرٍ، بودِّى أنه لا يُولَدُ لى ولدٌ أبدًا. قال: فضرَب بيده على مَنْكِبي، وقال: يابنَ أخى لا تَفْعَلْ، فإنه ليست مِن نَسَمَةٍ كتَب اللَّهِ لها أن تَخْرُجَ مِن صُلْبِ رجلٍ إلا وهى خارجةٌ، إن شاء وإن أبَى. قال: ألا أَدُلُّك على أمرٍ إن أنت أدْرَكته نجَّاك اللَّهُ منه، وإن ترَكتَ ولدَك مِن بعدِك حفِظهم اللَّهُ فيك؟ قال: قلتُ: بلى. قال: فتلا عندَ ذلك هذه الآيةَ: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ (٣).

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلَى التأويلاتِ بالآيةِ قولُ مَن قال: تأويلُ ذلك: وَلْيَخْشَ الذين لو ترَكوا مِن خلفِهم ذريةً ضعافًا خافوا عليهم العَيْلَةَ، لو كانوا فرَّقوا أموالَهم في حياتِهم، أو قَسَّموها وصيةً منهم بها لأُولى قرابتِهم وأهلِ اليُتمِ والمسكنةِ، فأَبْقَوْا أموالَهم لولدِهم؛ خشيةَ العَيْلةِ عليهم بعدَهم، معَ ضعفِهم وعجزِهم عن المطالبِ، فَلْيَأْمُرُوا مَن حضَروه وهو يُوصِى لذَوِى قرابتِه، وفي اليتامى والمساكينِ، وفي غيرِ


(١) في م: "دريج"، وفى ت ١، ت: "دويج". وينظر تهذيب الكمال ٩/ ١٧٥.
(٢) في م: "الشيباني". والسيبانى هو يحيى بن أبي عمرو. وينظر الأنساب ٣/ ٣٥٤.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢٤ إلى المصنف.