للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن كفر بالنبىِّ من يهودَ، فأولئك هم الخاسرون (١).

وهذا القولُ أولى بالصوابِ من القولِ الذى قاله قتادةُ؛ لأن الآياتِ قبلَها مضَت بأخبارِ أهلِ الكتابَيْن، وتبديلِ مَن بدَّل منهم كتابَ اللهِ، وتأوُّلِهم إيَّاه على غيرِ تأويلِه، وادِّعائِهم على اللهِ الأباطيلَ، ولم يَجْرِ لأصحابِ محمدٍ في الآيةِ التى قبلَها ذكْرٌ، فيكونَ قولُه: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ﴾. موجَّهًا إلى الخبرِ عنهم، ولا لهم بعدَها ذكرٌ في الآيةِ التى تَتْلُوها، فيكونَ مُوَجَّهًا ذلك إلى أنه خبرٌ مبتدأٌ عن قَصَصِ أصحابِ رسولِ اللهِ بعدَ انقضاءِ قَصَصِ غيرِهما، ولا جاء بأن ذلك خبرٌ عنهم أثَرٌ يَجِبُ التسليمُ له.

فإذْ كان ذلك كذلك، فالذى هو أوْلَى بمعنى الآيةِ أن يكونَ موجَّهًا إلى أنه خبرٌ عمن قصَّ اللهُ نبأَه (٢) في الآيةِ قبلَها والآيةِ بعدَها، وهم أهلُ الكتابيْن؛ التوراةِ والإنجيلِ. وإذ كان ذلك كذلك، فتأويلُ الآيةِ: الذين آتيْناهم الكتابَ الذى قد عرَفته يا محمدُ، وهو التوراةُ، فقرءُوه واتَّبَعوا ما فيه، فصدَّقوك وآمَنوا بك، وبما جئتَ به مِن عندى، فأولئك يتلونه حقَّ تلاوتِه. وإنما أُدخلت الألفُ واللامُ في ﴿الْكِتَابَ﴾ لأنه معرفةٌ، قد كان النبيُّ وأصحابُه عرَفوا أىَّ الكتبِ عَنَى به.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾.

اخْتَلف أهلُ التأْويلِ في تأويلِ قولِ اللهِ: ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: يتَّبعونه حقَّ اتِّباعِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: حدَّثنا ابنُ أبى عَدِىٍّ وعبدُ الأعلى،


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ٢٣٥.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جل ثناؤه".