للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمورِها وحقوقِها، مثلَ الذي له عليها من ترْكِ ضِرارِه في كتمانِها إيّاه ما خلَق اللهُ في أرحامِهنَّ وغيرِ ذلك من حقوقِه. ثم ندَب الرجالَ إلى الأخذِ عليهنّ بالفضل إذا تَرَكْنَ أداءَ بعضِ ما أوجَب اللهُ لهم عليهنَّ، فقال: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ بتَفَضُّلِهم عليهن، وصَفْحِهم لهنَّ عن بعضِ الواجبِ لهم عليهنَّ، وهذا هو المعنى الذي قصَده ابنُ عباسٍ بقولِه: ما أُحِبُّ أن أستنْظِفَ جميعَ حقِّى عليها؛ لأن اللهَ يقولُ: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾. ومعنى الدرجةِ الرتبةُ والمنزلةُ.

وهذا القولُ من اللهِ جلّ ثناؤه وإن كان ظاهرُه ظاهرَ خبرٍ، فمعناه معنى نَدْبِ الرجالِ إلى الأخذِ على النساءِ بالفضلِ ليكونَ لهم عليهنَّ فضلُ درجةٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨)﴾.

يعني بذلك جلَّ ثناؤُه: واللهُ عزيزٌ في انتقامِه ممن خالَف أمرَه، وتعدَّى حدودَه، فأتى النساءَ في المحيضِ، وجعَل اللهَ عرضةً لأيمانِه أن يَبَرَّ ويتَّقِىَ ويصلحَ بين الناسِ، وعضَل امرأتَه بإيلائِه، وضارَّها في مراجَعتِه بعدَ طلاقِه، ومِمَّن (١) كتَم من النساءِ ما خلَق اللهُ في أرحامِهنَّ أزواجَهنَّ، ونكَحن في عِدَدِهنَّ، وترَكْنَ التربصَ بأنفُسِهنَّ إلى الوقتِ الذي حدَّه اللهُ لهنَّ، وركِب (٢) غيرَ ذلك من معاصِيه، حكيمٌ فيما دبَّرَ في خلقِه، وفيما حكَم وقضَى بينَهم من أحكامِه.

كما حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيع في قولِه: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. يقولُ: عزيزٌ في نقمتِه، حكيمٌ في أمرِه (٣).


(١) في النسخ: "لمن". والصواب ما أثبت.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ركبن".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٧١، ٤١٨، ٤٥٣ عقب الأثر (١٩٥٦، ٢٢٠٤، ٢٣٩٨) من طريق عبد الله بن أبي جعفر به.