للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحتَمِلُ أن يكونَ معناه إذا قُرِئَ كذلك: ما كذَّب صاحبُ الفؤادِ ما رأَى. وقد بيَّنا معنى مَن قرَأ ذلك بالتخفيفِ.

والذي هو أولى القراءتين في ذلك عندي بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأه بالتخفيفِ؛ لإجماعِ الحجةِ من القرَأةِ عليه، والأُخرى غيرُ مدفوعةٍ [صحَّتُها؛ لصحَّةِ] (١) معناها.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦)﴾.

قال أبو جعفرٍ: اختَلَفت القرَأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾؛ فقرَأ ذلك عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ وعامَّةُ أصحابِه: (أفتَمْرُونه) بفتحِ التاءِ بغيرِ ألفٍ، وهي قراءةُ عامَّةِ قرَأةِ أهلِ الكوفةِ (٢)، ووجَّهوا تأويلَه إلى: أفتَجْحدونَه.

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هشيمٌ، قال: أخبَرنا مغيرةُ، عن إبراهيمَ أنه كان يقرَأُ: (أَفَتَمْرُونَه) (٣). يقولُ: أفتَجحَدونه، ومَن قرَأ: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾. قال: أفتُجادلونه (٤).

وقرَأ ذلك عامَّةُ قرَأةِ المدينةِ ومكةَ والبصرةِ وبعضُ الكوفيين: ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ بضمِّ التاءِ والألفِ (٥)، بمعنى: أفتُجادِلونه.


(١) في ص، ت ١: "صحته لصحة"، وفي ت ٢: "صحبة بصحة".
(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي ويعقوب وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٨٣.
(٣) بعده في م: "بفتح التاء بغير ألف".
(٤) أخرجه سعيد بن منصور - كما في الدر المنثور ٦/ ١٢٤ - ومن طريقه الحافظ في التغليق ٤/ ٣٢٣، وعبد بن حميد - كما في التغليق - عن هشيم به بلفظ: "أفتجادلونه"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر.
(٥) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وأبي جعفر. ينظر النشر ٢/ ٢٨٣.