للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتَّناصُرُ، وصار الحُكمُ إلى العَدلِ الجَبَّارِ الذى لا يَنْفَعُ لديه الشُّفَعاءُ والنُّصَراءُ، فيَجْزِى بالسيئةِ مثلَها، وبالحسنةِ أضْعافَها، وذلك نظيرُ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (٢٤) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (٢٥) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ﴾ [الصافات: ٢٤ - ٢٦].

وكان ابنُ عباسٍ يقولُ فى معنى: ﴿لَا تَنَاصَرُونَ﴾. ما حُدِّثْتُ به عن المِنْجابِ، قال: حدَّثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضَّحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ﴾: ما لكم (١) لا تَمانَعون منا، هَيْهاتَ (٢)، ليس ذلك لكم اليومَ (٣).

وقد قال بعضُهم في معنى قولِه: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾: وليس لهم مِن اللهِ يومَئذٍ نَصيرٌ يَنْتَصِرُ لهم مِن اللهِ إذا عَاقَبَهم.

وقد قيل: ﴿وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ﴾ بالطلبِ فيهم والشَّفاعةِ والفِدْيةِ.

قال أبو جعفرٍ: والقولُ الأولُ أولى بتأويلِ الآيةِ؛ لما وصَفْنا مِن أن اللهَ جل ثناؤُه إنما أعْلَم المخاطَبِين بهذه الآيةِ أن يومَ القيامةِ يومٌ لا فِدْيةَ فيه (٤) لمن اسْتَحَقَّ مِن خلقِه عُقوبتَه، ولا شَفاعةَ فيه، ولا ناصرَ له، وذلك أن ذلك قد كان لهم في الدنيا، فأخْبَر أن ذلك يومَ القيامةِ مَعْدومٌ لا سبيلَ لهم إليه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ وعزَّ: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾.


(١) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "اليوم".
(٢) في الأصل: "أيهات"، على إبدال الهاء همزة، مثل هراق وأراق.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٧٣ إلى المصنّف.
(٤) سقط من: ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.