للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما تأويلُ قولِه: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ﴾. فإنَّه عَطْفٌ على قولِه: ﴿يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ﴾. فكأنه قال: اذْكُروا نِعْمتى التى أنْعَمْتُ عليكم، واذْكُروا إنعامَنا عليكم إذ نَجَّيْناكم مِن آلِ فرعونَ، بإنجائِنا لكم منهم.

وأما: [﴿مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ﴾] (١) فإنهم أهلُ دينِه وقومُه وأشْياعُه.

وأصلُ "آل": أهلٌ، أُبْدِلَت الهاءُ همزةً، كما قالوا: ماءٌ (٢). فأبْدَلوا الهاءَ همزةً، فإذا صغَّروه قالوا: مُوَيْهٌ. فردُّوا الهاءَ في التَّصْغيرِ، وأخْرَجوه على أصلِه، وكذلك إذا صغَّروا "آلًا"، قالوا: أُهَيْلٌ. وقد حُكِى سَماعًا مِن العربِ في تَصْغيرِ "آلٍ"؛ أُوَيْلٌ. وقد يُقالُ: فلانٌ مِن آلِ النساءِ. يُرادُ أنه منهن خُلِق. ويقالُ ذلك أيضًا بمعنى أنه يُرِيدُهن ويَهْواهن، كما قال الشاعرُ (٣):

فإنكَ (٤) مِن آلِ النِّساءِ وإنَّما … يَكُنَّ لِأَدْنَى لا وِصالَ لِغائبِ

وأحسنُ أماكنِ "آل" أن يُنْطَقَ به مع الأسماءِ المشهورةِ، مثلَ قولِهم: آلُ النَّبِيِّ محمدٍ ، وآلُ عليٍّ، وآلُ العباسِ، وآلُ عَقيلٍ. وغيرُ مُسْتَحْسَنٍ استعمالُه مع المجهولِ وفى أسماءِ الأرَضِين وما أشبهَ ذلك. غيرُ حسنٍ عندَ أهلِ العلمِ بلسانِ (٥) العربِ أن يُقالَ: رأيْتُ آلَ الرجلِ، وزارنى (٦) آلُ المرأةِ. ولا: رأيْتُ آلَ البصرةِ، وآلَ


(١) سقط من: ر، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في ر، م: "ماه".
(٣) البيت في الصاحبى ص ٤٣٤ غير منسوب، ونسبه في الخصائص ٣/ ٢٧ إلى كُثَيِّر، وليس في ديوانه، ونسبه في البحر المحيط ٢/ ٢٦٢ إلى جميل، وليس في ديوانه أيضًا.
(٤) في مصادر التخريج: "بثينة".
(٥) في الأصل: "بلغات".
(٦) في م: "رآنى".