للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ قرأةِ الكوفةِ، ﴿وَالسَّاعَةُ﴾ رفعًا على الابتداءِ (١). وقرَأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ: (والسَّاعَةَ) نصبًا (٢)، عطفًا بها على قولِه: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا أنهما قراءتان مستفيضتان في قَرَأةِ الأمصارِ، صحيحتا المخرجِ في العربيةِ، متقارِبتا المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وبدَا لهؤلاء الذين كانوا في الدنيا يكفُرون بآياتِ اللهِ - سيئاتُ ما عمِلوا في الدنيا من الأعمالِ. يقولُ: ظهر لهم هنالك قبائحُها وشرارُها، لمَّا قرَءوا كتب أعمالِهم التي كانت الحفظةُ تنسخُها في الدنيا، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يقولُ: وحاق بهم من عذابِ اللهِ حينَئذٍ ما كانوا به يستهزِئون، إذا قيل لهم: إن الله مُحِلُّه بمَن (٣) كذَّب به، على سيئاتِ ما في الدنيا عمِلوا من الأعمالِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقيل لهؤلاء الكفرة الذين وصَف صفتَهم: اليومَ نتركُكم في عذابِ جهنمَ، كما ترَكتم العملَ للقاء ربِّكم يومَكم هذا.

كما حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ﴾: نتركُكم (٤).


(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٥.
(٢) هي قراءة حمزة. المصدر السابق.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "ممن".
(٤) بعده في ت ٢: "في عقاب الله".