للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾. فإن معناه: ومَن يُسْلِمُ أمره إلى الله ويَثِق به، ويَرْضَ بقضائِه، فإن الله حافظُه وناصره؛ لأنه عزيزٌ لا يَغْلِبُه شَيءٌ، ولا يَفْهَرُه أَحدٌ، فجارُه مَنيعٌ، ومَن يَتَوَكَّلْ عليه مكفيٌّ (١).

وهذا أمرٌ مِن الله جلَّ ثناؤُه المؤمنين به مِن أصحابِ رسولِ اللهِ وغيرِهم أن يُفَوِّضوا أمرَهم إليه، ويُسَلِّموا لقضائه، كيما يكفيهم أعداءهم، ولا يَسْتَذِلَّهم مَن ناوَأَهم؛ لأنه عزيزٌ غيرُ مغلوبٍ، فجارُه غير مَقْهورٍ، ﴿حَكِيمٌ﴾ يقولُ: هو فيما يُدَبِّرُ مِن أمرِ خلقِه، حكيمٌ لا يَدْخُلُ تدبيره خَلَلٌ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (٥٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ولو تُعايِنُ يا محمدُ حينَ يَتَوَفَّى الملائكةُ أرواحَ الكفارِ، فتَنزعُها مِن أجسادِهم، تَضْرِبُ الوجوهَ منهم والأسْتاهَ، ويقولون لهم: ذُوقوا عذابَ النارِ التي تُحرِقُكم يومَ وُرودِكم جهنمَ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابِن أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾. قال: يومُ بدرٍ (٣).


(١) في م: "يكفه"، وفى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يكفى".
(٢) بعده في ف: "أبدا".
(٣) تفسير مجاهد ص ٣٥٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧١٨.