للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: محَوْنا عنهم ذنوبَهم، فغطَّيْنا عليها، ولم نَفْضَحْهم بها، ﴿وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾. يقولُ: ولأَدْخَلْناهم بَساتينَ يَنْعَمون فيها في الآخرةِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا﴾. يقولُ: آمَنوا بما أنْزَل اللهُ، واتَّقَوْا ما حرَّم اللهُ، ﴿لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ﴾: ولو أنهم عمِلوا بما في التوراةِ والإنجيلِ، ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ﴾. يقولُ: وعمِلوا بما أُنْزِل إليهم من ربِّهم من الفرقانِ الذي جاءَهم به محمدٌ .

فإن قال قائلٌ: وكيف يُقِيمون التوراةَ والإنجيلَ وما أُنْزِل إلى محمدٍ ، مع اخْتِلافِ هذه الكتبِ، ونسْخِ بعضِها بعضًا؟

قيل: إنها (٢) وإن كانت كذلك في بعضِ أحكامِها وشرائِعِها، فهى متَّفِقةٌ في الأمرِ بالإيمانِ برسلِ اللهِ، والتصديقِ بما جاءَت به مِن عندِ اللهِ. فمعنى إقامتِهم التوراةَ والإنجيلَ وما أُنْزِل إلى محمدٍ ، تصديقُهم بما فيها،


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٩ (٦٥٩٢) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) سقط من: م.