وإخوته وسائر ما في هذه السورةِ ﴿مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ﴾. يقولُ: من أخبار الغيب الذي لم تُشَاهِدَه، ولم تُعاينه، ولكنا ﴿نُوحِيهِ إِلَيْكَ﴾ ونُعَرِّفُكَه، لنثِّبت به فؤادك، ونُشَجِّعَ به قلبك، وتَصْبِرَ على ما نالك من الأذى من قومِك في ذاتِ اللهِ، وتَعْلَمَ أَن من قبلك من رسل الله، إذ صبَروا على ما نالهم فيه، وأخَذوا بالعفو، وأمروا بالعرفِ، وأعرضوا عن الجاهلين - فازوا بالظَّفَرِ، وأُيِّدوا بالنصر، ومُكِّنوا في البلادِ، وغلبوا من قصدوا من أعدائهم وأعداء دين اللهِ، يَقُولُ الله ﵎ لنبيِّه محمدٍ ﷺ: فيهم يا محمد فتأسَّ، وآثارهم فقُصَّ ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾. يقولُ: وما كنت حاضرًا عند إخوة يوسف، إذ أجمعُوا، واتفقت آراؤهم، وصحَّت عزائمُهم، على أن يُلْقُوا يوسفَ في غيابة الجبِّ، وذلك كان مكرهم الذي قال الله ﷿: ﴿وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة. قوله: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ﴾. يعني: محمدًا ﷺ، يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجبِّ ﴿وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾، أي: بيوسفَ (١).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريج، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾ الآية. قال: هم بنو يعقوب.
القول في تأويل قوله: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)﴾.
يقول جلَّ ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك يا محمد، ولو حرَصتَ على أن يُؤمنوا بك فيُصدِّقوك، ويَتَّبِعوا ما جئتهم به من عندِ ربِّك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٩ إلى المصنف وابن المنذر وأبي الشيخ.