للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: عنَى بذلك الحَزَنَ مِن التعبِ الذي كانوا فيه في الدنيا.

ذكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. قال: كانوا في الدنيا يعمَلون وينصَبون، وهم في خوفٍ أو يحزنون (١).

وقال آخرون: بل عنَى بذلك الحَزَنَ الذي ينالُ الظالمَ لنفْسِه في موقفِ القيامةِ.

ذكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا أبو أحمدَ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمشِ، قال: ذكَر أبو ثابتٍ أن أبا الدرداءِ قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ يقولُ: "أمَّا الظَّالِمُ لِنفْسِه، فَيُصيبُه في ذلك المكانِ مِن الغمِّ والحزَنِ، فذلك قولُه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾ " (٢).

وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إن الله تعالى ذكْرُه أخبَر عن هؤلاء القومِ الذين أكرَمهم بما أكرَمهم به، أنهم قالوا حينَ دخَلوا الجنةَ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. وخوفُ دخولِ النارِ مِن الحزَنِ، والجزَعُ مِن الموتِ مِن الحَزَنِ، والجزَعُ مِن الحاجةِ إلى المطْعمِ مِن الحزَنِ، ولم يَخْصُصِ اللَّهُ إِذ أَخبَر عنهم أنهم حمِدوه على إِذْهَابِه الحَزَنَ عنهم، نوعًا (٣) دونَ نوعٍ، بل أخبَر عنهم أنهم عمُّوا جميعَ أنواعِ الحزَنِ بقولِهم ذلك، وكذلك ذلك؛ لأن مَن دخَل الجنةَ فلا حَزَنَ عليه بعدَ ذلك، فحمْدُهم الله على إِذْهَابِه عنهم جميعَ معاني الحزَنِ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٣ إلى عبد بن حميد والمصنف.
(٢) تقدم تخريجه في ص ٣٧٥، مطولًا.
(٣) في الأصل، ت ١: "أن حمدهم ذلك كان منهم على نوع من إذهابه الحزن عنهم".