للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ﴾. يقولُ: قد بيَّنا الآياتِ لقومٍ يَفْقَهون (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واللهُ الذي له العبادةُ خالصةً، لا شريكَ (٢) فيها لشيءٍ سواه، هو الإلهُ الذي أنْزَل مِن السماءِ مَاءً ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ فَأَخْرَجْنا بالماءِ الذي أَنْزَلْناه مِن السماءِ مِن غِذاءِ الأنعامِ والبهائمِ والطيرِ والوحشِ، وأرزاقِ بني آدمَ وأقواتِهم، ما يَتَغَذَّون به ويَأْكُلونه، فيَنْبُتون عليه ويَنْمُون. وإنما معنى قولِه: ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ﴾: فأَخْرَجْنا به ما يَنْبُتُ به كلُّ شيءٍ ويَنْمُو عليه ويَصْلُحُ.

ولو قيل معناه: فأخْرَجْنا به نباتَ جميعِ أنواعِ النباتِ. فيكونُ ﴿كُلِّ شَيْءٍ﴾ هو أصنافَ النباتِ. كان مذهبًا، وإن كان الوجهُ الصحيحُ هو القولُ الأولَ.

وقولُه: ﴿فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا﴾. يقولُ: ﴿فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ﴾. يعني: مِن الماءِ الذي أَنْزَلْناه مِن السماءِ، ﴿خَضِرًا﴾ رَطْبًا مِن الزرعِ.

والخَضِرُ هو الأخضرُ، كقولِ العربِ: أرِنيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً (٣). يقالُ: خضِرَت الأرضُ خَضِرًا وخَضَارةً. والخَضِرُ رطْبُ البُقولِ، ويقالُ: نخلةٌ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٥٨ (٧٦٩٩) من طريق يزيد به.
(٢) في م: "شركة".
(٣) مثل، نسبه صاحب اللسان في (ن م ر) إلى أبي ذؤيب ولم ينسبه في (خ ض ر)، ولا الميداني في مجمع الأمثال ٢/ ٣٧. والنمرة: السحاب على لون النمر. يُضرب مثلا أنك إذا رأيت دليل الشيء علمت ما يتبعه.