للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد تقدَّم عفوُه لكم عنها.

وقولُه: ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾. يقولُ: ويُؤَخِّرُ في آجالِكم فلا يُهْلِكْكم بالعذابِ، لا بغرقٍ ولا غيرِه، ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾. يقولُ: إلى حينٍ كتَب أنه يُبْقِيكم إليه، إن أنتم أطَعْتُموه وعبَدْتُموه، فى أمِّ الكتابِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ فى قولِ اللهِ: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾. قال: ما قد خُطِّ من الأجَلِ، فإذا جاء أجلُ اللهِ لا يُؤَخِّرُ (١).

وقولُه: ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن أجَلَ اللهِ الذى قد كتَبه على خلقِه فى أمِّ الكتابِ، إذا جاء عندَه لا يُؤَخَّرُ عن مِيقاتِه، فيُنْظَرَ بعدَه، ﴿لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾. يقولُ: لو عَلِمتُم أن ذلك كذلك لأَنَبْتُم إلى طاعةِ ربِّكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (٦) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (٧)

يقولُ تعالى ذكرُه: قال نوحٌ لمَّا بلَّغ قومَه رسالةَ ربِّه وأَنْذَرَهم ما أَمَرَه به أن


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٦٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.