للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُقْتِرٌ (١) لا يَمْلِكُ شيئًا، فإن قُضِي عليه بقَدْرِ نصفِ صَداقٍ مثلِها، أُلْزِم ما يَعْجِزُ عنه بعضُ مَن قد وُسِّع عليه، فكيف المقدورُ عليه (٢)! وإذا فُعِل ذلك به، كان الحاكمُ بذلك عليه قد تعدَّى حُكمَ قولِ اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾. ولكن ذلك على قَدْرِ عُسْرِ الرجلِ ويُسرِه، لا يُجاوَزُ بذلك خادِمٌ أو قيمتُها، إن كان الزوجُ مُوسِعًا (٣)، وإن كان مُقتِرًا فأطاق أَدْنَى ما يكونُ كِسْوةً لها، وذلك ثلاثةُ أثوابٍ ونحوُ ذلك، قُضِي عليه بذلك، وإن كان عاجزًا عن ذلك فعلى قدرِ طاقتِه، وذلك على قدرِ اجْتهادِ الإمامِ العادلِ عندَ الخصومةِ إليه فيه.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾. هل هو على الوجوبِ أو على الندبِ؟ فقال بعضُهم: هو على الوجوبِ؛ يُقْضَى بالمتعةِ في مالِ المُطَلِّقِ، كما يُقْضَى عليه بسائرِ الدُّيونِ الواجبةِ عليه لغيرِه. وقالوا: ذلك واجبٌ عليه لكلِّ مطلَّقةٍ، كائنةً مَن كانت مِن نسائِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: كان الحسنُ وأبو العاليةِ يقولان: لكلِّ مُطَلَّقةِ متاعٌ، دخَل بها أو لم يَدْخُلْ بها، وإن كان قد فرَض لها (٤).

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابن عُليةَ، عن يونُسَ، أن الحسنَ كان


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "فقير".
(٢) المقدور عليه: المضيق عليه. من: قدر عليه رزقه. أي: ضُيِّق. وينظر التاج (ق د ر).
(٣) في ت ٢: "الموسر".
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ١٥٤، ١٥٥ عن يزيد به.