للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أَخْبَرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عن أيوبَ، عن سعدِ بن إبراهيمَ، أن عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ طلَّق امرأتَه فمتَّعها بالخادمِ (١).

حُدِّثْتُ عن عبدِ اللَّهِ بن يَزِيدَ المُقْرِئِ، عن سعيدِ بن أبي أيوبَ، قال: ثنى عُقَيْلٌ، عن ابن شِهابٍ أنه كان يقولُ في متعةِ المطلَّقةِ: أعْلاه الخادمُ، وأدناه الكِسْوةُ والنفقةُ. ويَرَى أن ذلك على ما قال اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ (٢).

وقال آخَرون: مَبْلَغُ ذلك إذا اخْتَلَف الزوجُ والمرأةُ فيه - قدْرُ نصفِ صَداقِ مثلِ تلك المرأةِ المنكوحةِ بغيرِ صَداقٍ مُسَمًّى في عقدِه. وذلك قولُ أبي حنيفةَ وأصحابِه.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك ما قاله ابن عباسٍ ومَن قال بقولِه مِن أن الواجبَ مِن ذلك للمرأةِ المُطلَّقةِ على الرجلِ، على قَدْرِ عُسْرِه ويُسرِه، كما قال اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ لا على قَدْرِ المرأةِ. ولو كان ذلك واجبًا للمرأةِ على قدرِ صَداقِ مثلِها إلى قدرِ نصفِه، لم يَكُنْ لقِيلِه تعالى ذكرُه: ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ معنًى مفهومٌ، ولَكان الكلامُ: ومَتِّعُوهن على قَدْرِهن وقدرِ نصفِ صَداقِ أمثالِهِن.

وفي إعْلامِ اللَّهِ تعالى ذكرُه عبادَه أن ذلك على قدْرِ الرجلِ في عُسْرِه ويسرِه، لا على قَدْرِها وقدرِ نصفِ صَداقِ مثلِها، ما يُبِينُ عن صحةِ ما قلْنا وفسادِ ما خالَفَه. وذلك أن المرأةَ قد يكونُ صَداقُ مثلِها المالَ العظيمَ، والرجلُ في حالِ طلاقِه إياها


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١٢٢٥٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٥/ ١٥٧ عن عبد الله بن يزيد به.