للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهِ تعالى ذكرُه: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (٥) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٥، ٦].

يَعني بقولِه: ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾: حين تُرْسِلُونها للرَّعْيِ. فقيل للمرأةِ إذا خَلَّاها زوجُها فأبانها منه: سَرَّحَها. تمثيلًا لذلك بتَسْريحِ المُسَرِّحِ ماشيتَه للرَّعْيِ، وتشبيهًا به.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾.

يَعني تعالى ذكرُه بذلك: ومَن يُراجِعِ امرأتَه بعد طلاقِه إيّاها في الطلاقِ الذي له (١) فيه عليها الرَّجعةُ، ضِرارًا بها، ليَعْتَدِيَ حدَّ (٢) اللَّهِ في أمرِها، ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾. يعني: فأَكْسَبَها بذلك إثْمًا، وأَوجَبَ لها من اللَّهِ عقوبةً بذلك.

وقد بَيَّنّا معنى الظلمِ فيما مضَى، وأنه وَضْعُ الشيءِ في غيرِ مَوْضِعِه، وفعلُ ما ليس للفاعلِ (٣) فعْلُه (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾.

يَعني تعالى ذكرُه: ولا تَتَّخِذُوا أعلامَ اللَّهِ وفُصولَه بين حلالِه وحرامِه، وأمرِه ونهْيِه، في وحْيِه وتنزيلِه، استهزاءً ولَعِبًا، فإنه قد بَيَّنَ لكم في تنزيلِه وآيِ كتابِه ما لكم من الرَّجعةِ على نسائِكم، في الطلاقِ الذي جعَل لكم عليهن فيه الرَّجعةَ، وما ليس لكم منها، وما الوجهُ الجائزُ لكم منها، وما الذي لا يجوزُ، وما الطلاقُ الذي لكم عليهن فيه الرَّجعةُ، وما ليس لكم ذلك فيه، وكيف وجوهُ ذلك؛ رحمةً منه بكم، ونعمةً منه عليكم، ليَجعَلَ بذلك لبعضِكم مِن مكروهٍ - إن كان فيه من


(١) زيادة من: م.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حق".
(٣) بعده في ص: "على".
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٥٨١.